-A +A
حمود أبو طالب
من أسوأ جوانب مرض كوفيد 19 أنه اجتاح العالم في أسوأ مرحلة سياسية يمر بها منذ الحرب العالمية الثانية. التوتر السياسي الذي يحدث الآن غير مسبوق، وشبح انفراط الأمن وانطلاق شياطين المواجهات المدمرة في أي مكان بسبب التنافس المحتقن والخلاف على ملفات السيطرة بين الأقطاب الكبرى طغى على كل شأن آخر، اختلطت الأوراق وغامت الصورة وتدنى منسوب الأخلاق إلى الحضيض، وجاء ملف كورونا ليتم الزج به في هذا المناخ المحموم، وإنسان هذا الكوكب التعيس هو الذي يدفع الأثمان من صحته الجسدية والعقلية والنفسية.

أعلن الرئيس الروسي بوتين عن التوصل إلى أول لقاح في العالم ضد كورونا أطلق عليه اسم «سبوتنيك 5» تيمناً بأول مركبة فضائية أطلقتها روسيا عام 1957، هذه رمزية سياسية بامتياز أن يطلق على منتج طبي اسم لرمز من رموز الحرب الباردة بين القطبين الأوحدين آنذاك. وزير الصحة الروسي يقول إن المواقف الأجنبية التي أعربت عن الشكوك بشأن فاعلية اللقاح الروسي ليست حيادية، وتعبر عن شعور الامتعاض والغيرة من التفوق الروسي، بينما يشكك وزير الصحة الأمريكي في المنتج الروسي بقوله: من المهم أن نوفر لقاحات آمنة وفعالة وأن تكون المعطيات شفافة، هذا ليس سباقاً على المركز الأول. ويضيف الدكتور فاوتشي كلمة حق لكنها لا تخلو أيضاً من إشارة للقاح الروسي بقوله: إن الوصول إلى لقاح وإثبات أنه آمن وفعال، أمران مختلفان. ومع كل هذا السجال والترويج التجاري للقاح الروسي واللقاح الأمريكي الموعود قريباً، ولقاحات من دول أخرى أهمها منتج جامعة أكسفورد البريطانية الذي اكتنفته أيضاً المناكفات السياسية مع روسيا، يضيع الإنسان المغلوب على أمره، ويتجلى الانحطاط الأخلاقي الذي تسببت به السياسة في أقبح صوره.


كل هذه اللقاحات إن بدأ استخدامها فإن الثقة في أمانها على الصحة العامة للإنسان ستكون محل شك كبير أخذاً في الاعتبار طريقة الخروج بها من الإطار العلمي بضوابطه الأخلاقية الصارمة إلى المجال السياسي الملوث بالكثير من الأوبئة كما نرى الآن، قد ينجو الشخص من المرض بإرادة الله والتزامه بطرق الوقاية، لكنه لا يعلم ماذا سيحل به عاجلاً أو آجلاً من مضاعفات لقاح خرج من نزاهة المختبرات الطبية إلى مكاتب الساسة.

كاتب سعودي

habutalib@hotmail.com